شكرا للمرة العاشرة لأجهزة الامن بالحديدة .. لكن لماذا اخشى شكرهم!
يمنات
محمد محمد المقالح
شكرا مرة عاشرة للأجهزة الامنية بالحديدة فقد اثبتت حرفيتها ودأب العاملين فيها في حماية بلدهم وحياة مواطنيهم في كشف اكثر من عملية ارهابية وتخريبية في مدينة الحديدة وعموم مديريات المحافظة، ولكن وبسبب الفشل الواضح والتسييس والادلجة في بقية الاجهزة في محافظات اخرى اصبحت اخشى من شكرها لأنني على يقين من ان الاجهزة التي لا تعمل شيئا سوى محاربة النجاح ومحاولة افشال كل من يكشفها بنجاحه..
صدقوني اصبحت اخاف ان اشكر اي جهة على انجازها او مهنيتها خوفا ان يضرها شكري ويسارع ولي الله المتربص لإفساد كل عمل جيد يلقى ارتياحا لدى ابناء الشعب او يحدث انفراجا شعبيا.
للأسف الاختراق اصبح في المركز وكل ما يقوم به هو مراكمة الغضب الشعبي ضد انصار الله وتحميلهم كل جريرة او خطيئة يرتكبها او يكون سببا في ارتكابها!
بدأت المشكلة حين جبن انصار الله عن تحمل مسئولية الثورة والدولة معا والتردد في اخذ السلطة السياسية وحكم البلاد من خلال مؤسسات الدولة ما جعلهم يحكمون من خارج الدولة عبر سلطة فعلية غير مرئية تملك السلطة كلها وليس عليها اي مسئولية او رقابة على سلطتها.
و بعد ان عطلت مؤسسات الدولة وعشرات الالاف من كادرها الوظيفي والامني و لأسباب وعوامل عديدة بينها “المؤامرة” الكبيرة على انصار الله لإفشالها وبالذات بعد دخول صنعاء وسقوط سلطة السعودية في صنعاء من جهة ودخول مفاهيم “اخوانية” مكتسبة في اوساط انصار الله مضمونها عدم الثقة بأي طرف او كادر مالم يكون من الموالين، وبالتالي ما لم يكون من فئة بعينها يعتقد انها اكثر ولاء من جهة اخرى.
و المهم ولأسباب وعوامل عديدة نام كادر الدولة مكتفيا باستلام مرتبة نهاية كل شهر الامر الذي اضطر انصار الله ومركز سلطتهم غير المرئية تحديدا الى الاستعانة بعشرات الالاف من المتطوعين “الموالين” او ضنوا انهم موالين للاستعانة بهم للقيام بجهود استثنائية بديلا لكادر الدولة وبهدف حفظ الامن والامنيات اولا والانضمام الى اللجان الشعبية والثورية ثانيا، ثم لتولي سلطة القيادة كمشرفين او مدراء او لجان ثورية وجميعهم وكان غالبيتهم متطوعين وتم استقدامهم من الشارع والساحات وهومش الكادر الوظيفي وبدون مرتبات والاكتفاء ببعض المبالغ الرمزية بين فترة واخرى!
و هكذا وقع المحذور والمعنى انك امام الاف المتطوعين يملكون سلطة هائلة وفعلية وبلا رقابة وبلا مرتبات وكثير منهم من التبطليين واصحاب السوابق فماذا سيعملون غير استخدام سلطتهم الهائلة لتحصيل حاجتهم ومن جيوب الناس وموارد الدولة سواء بسواء وهذا ما حصل ويحصل بالضبط!
هذا الوضع المؤسف الذي تبين خطورته لاحقا وحاولوا معالجته من خلال بعض التبديلات هنا وهناك وتشكيل لجان لتبين صحة الشكاوي الواردة من الناس المظلومين ولكن بدون فائدة لانهم حاولوا معالجة النتائج لتبقى الاسباب والعوامل بدون معالجة.
و هي عدم الحكم من خلال مؤسسات الدولة من ناحية ووجود سلطة سياسية كاملة غير مرئية وغير مسائلة على سلطتها وقرارها من ناحية اخرى.
و المهم ان هذا الوضع الخطير قاد وبشكل طبيعي الى تصدر الانتهازية والوصولية كما قاد الى ما يشبه التحالف غير المكتوب بين كبار التجار والمرابيين وقوى الفساد القديمة والجديدة ومراكز الاختراق السعودي والى درجة اصبحت السلطة كاملة لدى هذا التحالف الذي نمى وترعرع في ظل الحرب وانشغال قائد الثورة ورجاله المخلصين من اللجان الشعبية والقيادات الميدانية بالتصدي للعدوان والغزو الخارجي ما جعل اي عملية اصلاح تبدو غير ممكنة او صعبة جدا ما لم تتوفر ارادة سياسية كبيرة وحاسمة لدى القائد شخصيا بل واصبح كل من يشير الى هذا الوضع والعمل على معالجته يتحول مباشرة عند هؤلاء هو “العدو” و هو من تشن عليه الحملات وتصدر ضده التحريض والاتهامات ولعل هذا هو ما جعلني اشير الى ان شكري لإنجازات اجهزة الامن في الحديدة قد يضرهم بدلا من تكريمهم او الاقتداء بهم.
الحل اليوم هو العودة الى ممارسة السلطة من خلال مؤسسات الدولة واعادة احياء كادرها وتولي انصار الله السلطة السياسية في الدولة، أي تولي المناصب القيادية والسياسية وهو ما كان يمكن ان تقوم به اللجنة الثورية العليا لو سمح لها ان تشكل الرئاسة والحكومة والمجلس الوطني وفقا للإعلان الدستوري ثم تقوم بحل نفسها، وهو ما يمكن ان يقوم به اليوم المجلس السياسي اذا ما سمح له ان يشكل الحكومة مقابل الغاء وبدون تردد كل سلطة من خارجها وعلى رأسها ما يسمى بالمكتب التنفيذي الذي يمثل غطاء لكل ما يجري الآن.
و المشكلة هنا ليست في اشخاص اعضاء المكتب التنفيذي بل في طبيعة سلطة المكتب الهائلة وغير المرئية وغير المسألة فهي ستفسد كل شيء حتى لو كان اعضائها من اتقى الناس واكثرهم تسبيحا وتهليلا وحتى لو استبدلناهم جميعا باخرين!
و اذا ما سمح للمجلس السياسي بممارسة سلطة الدولة ومن داخلها حينها يكون باستطاعة المجتمع ان يساعد في كشف مراكز الفساد والاختراق والبلطجة وحينها يظهر الصالح من الطالح ويتحاسب كل شخص على ما عمله بصورة فردية.
اما الآن فان السلطة الخفية تحكم القرار ولا تتحمل مسئوليته وبالتالي يتحمل انصار الله المسئولية في تبعات كل ما يجري صغيرا وكبيرا.
المشكلة انه ومن خلال كل من له سلطة لا يحاسب عليها يحدث ان يدخل الجواسيس واللصوص والبلاطجة الى مركز القرار دون ان تدرك هذه السلطة انهم كذلك في الغالب، ولكن دون ان تتحاسب على خطورة ادوارهم، واذا ما حاول اي طرف محاسبة اي واحد من أولائك الفسدة والجواسيس تتصدى “الخفية” نفسها ومن خلف الستار لحمايتهم والدفاع عنهم.
اتركوا الدولة للصماد او رئيس الحكومة الذي ستعينوه ثم اعيدوا انصار الله الى حالتهم الشعبية والثورية كحالة شعبية تضغط على الدولة وتتكامل مع جهدها التنموي والتعاوني في وقت واحد وستجنبون حينها انفسكم الخطيئة وتكسبون الاجر دعما للدولة والمجتمع وسيكون جهدكم الشعبي جهدا اضافيا الى جهد الدولة وليس العكس كما هو الحال الآن.
و لكن الاهم بطلوا المشروع الذي تلبسكم مؤخرا وتعرفون انه غير قابل للإعلان فضلا عن التحقق بقدر ما اربككم وشوش قضيتكم وافقدكم وسيفقدكم الثقة بكل المخلصين من ابناء شعبكم مقابل الثقة بكل من قال لكم يا “ولي الله” حتى لو كان جاسوسا او فاسدا او حتى قاتلا والمهم هو نسبه لا موقفه ولا سلوكه ولا قيمه ولا قضيته، وهو ما اثار الاحباط داخل صفوف انصار الله وجعلهم يبدون شيئا وشعبهم شيئا اخرا تماما كما هو حال الاخوان قبل الثورة ولكن بدون تنظيم!
* يبقى تاريخ انصار الله الثوري والشعبي ومظلوميتهم وبطولاتهم وتضحياتهم العظيمة في جبهات العزة والشرف دفاعا عن بلدهم وشعبهم وسيادة واستقلال بلدهم هو من لايزال يشفع لهم شعبيا ويجعل غالبية الناس يسكتون على كل الاخطاء والخطايا التي تحدث ولا تزال تحدث واذا تم التخلي عن كل هذا التاريخ وكل هذه التضحيات فلن يتبقى سببا للصمت وعدم الثورة وحينها سيكون كل من يسارع الى التحريض والاتهام لكل من ينتقد الخطأ او ينصح بتصحيحه هم اول من يقفزون من السفينة مثل اي سلطة اخرى أيلة للسقوط.